Tuesday, July 26, 2005

دعوة




بدءاً من ظهر الخميس 28 - 7 - 2005

في حديقة ساقية الصاوي

اتركوا وردة ، أقيدوا شمعة ، خطوا عبارة ، اتلوا آية ، ضعوا صورة ، ارسموا لوحة. شاركونا في التعبير عن مشاعر الحزن على ضحايا التفجيرات الارهابية ، و في اعلان آرائكم في مواجهة الارهاب.

تقوم الفكرة على تنظيم رد فعل شعبي ضد الهجمات في صورة فنية هادئة كما حدث بعد تفجيرات مدريد و لندن.

ركن صغير يضع كل واحد فيه ما يعبر عن تضامنه مع الضحايا: ورقة بأسمائهم، شموع، آيات من القرآن أو من الإنجيل، كلمة رقيقة، وردة أو باقة ورود، لافتة....إلخ
الأمر متروك لإبداع كل واحد

لن يكون هناك تظاهر ، و لا تجمع ، و لا هتافات ، و لا لافتات معادية للنظام. الهدف واضح و هو رفض شعبي هاديء للإرهاب الذي هو عدو الجميع.

سيستمر الأمر بإذن الله أياماً عديدة بعد ذلك ، فإذا لم تستطيعوا الحضور يوم الخميس القادم ، فيمكنكم الذهاب للساقية في أي يوم تال.


Invitation:
Starting from Thursday 28/07 at noon, in the garden of el sakkia (in Zamalek), you can leave anything to express your feelings about what happened in Sharm el-Sheikh and about terrorism.Just put anything you want, a picture, a poem, a candle, flowers...
No protest, no politics and no demonstrations! Just saying no to Terrorism, our common ennemy.
It will be open for sometime after this Thursday, so come anytime you like!

شكراً مصطفى و ألف على التصميم الجميل للدعوة

Sunday, July 24, 2005

اكتئاب... و فكرة

مررت بحالة اكتئاب شديدة بعد تفجيرات شرم الشيخ، لم أستطع بعدها كتابة أي شيء حتى في مذكراتي الخاصة.
لا أستطيع فهم فكرة القتل لأي هدف كان، و لا أتخيل شكل الموت الذي يجيء على يد شريك في الحياة الإنسانية!

أيقظني من اكتئابي مكالمة هاتفية مع صديق: و ماذا سنفعل لنعلن رفضنا؟
تولى كريم تنظيم مسيرة سلمية على كوبري 6 أكتوبر اليوم،
و جاءتني فكرة (مجهولة المصدر حتى الآن- و إن كانت نشأت من فهم خاطيء لغلطة مطبعية في رسالة كتبها علاء لمحمد كما ذكر محمد لي!)

تقوم الفكرة على تنظيم رد فعل شعبي ضد الهجمات في صورة فنية هادئة كما حدث بعد تفجيرات مدريد و لندن
ركن صغير يضع كل واحد فيه ما يعبر عن تضامنه مع الضحايا: ورقة بأسمائهم، شموع، آيات من القرآن أو من الإنجيل، كلمة رقيقة، وردة أو باقة ورود، لافتة....إلخ
الأمر متروك لإبداع كل واحد

التوقيت: حددنا يوم الخميس القادم (28/7)
المكان: هناك اقتراحات متعددة لكن يفضل أن يكون مكان بعيدأ عن الإيحاءات السياسية و الأمنية
ماذا عن حديقة كالأزهر مثلاً (بجانب شجرة) ؟ نحتاج لاقتراحات

لن يكون هناك هتافات و لا لافتات معادية للنظام، الهدف واضح و هو رفض شعبي هاديء للإرهاب الذي هو عدو الجميع

Idea:
Organizing a popular and decent reaction against the Sharm el-Sheikh bombings like the reactions following Madrid and London bombings. I suggest a corner at a calm place (say el-Azhar park...) with no political significance where people express their feelings freely: candles, verses from the Koran or from the Bible, flowers, pieces of art, list of the victims' names...etc
Timing: let's start it on Thursday (28/7)
Place: open for suggestions
No anti-regime banners , our target is to protest against terrorism in a decent way

Monday, July 18, 2005

في لاهوت التحرير ، أو تحرير اللاهوت - 3

"إن تكوين لاهوت التحرير لا يبدأ إلا في اللحظة التي تشرع فيها جماعة
دينية ما، في مكان ما، في المشاركة في الكفاح الذي يخوضه شعب
هذا المكان لتحقيق كامل إنسانيته"
(ألويزيزس بييريز)
م


يبدو الأمر الآن ملتبساً بعض الشيء أمام قاريء الجزئَين الأولين من هذا الحديث. في هذا الجزء سنلقي بعض الضوء على الأفكار الأساسية و التي شكّلت مرجعية عامة للاهوت التحرير على اختلاف أماكنه التي حلّ فيها.

و ما زلت أظن أن هذه المرجعيات يمكن - بل و يلزم- تأصيلها في أي دين من الأديان إذ هي في نظري ليست خاصة بالمسيحية. و أزعم أنه لا فضل للمسيحيين على لاهوت التحرير سوى أنهم قد تبنوا صياغة الفكرة في مهدها
.

من أنت يا لاهوت التحرير؟

يمكننا القاء نظرة عامة على الأعمدة المؤسسة للاهوت التحرير في خمس نقاط، وهي:

1- لاهوت الفقراء:
كان الهاجس الأول لمؤسسي لاهوت التحرير هو الانفصال الكامل -لاهوتياً أولاً- عن مؤثرات الحضارة المُستغلة و المهيمنة . كان الغرب هو رمز هذا التأثير الخارجي، لذا فقد رفض اللاهوتيون كلّ ما جاء من الغرب المسيحي و ما أثّر في الأفكار المسيحية منه. و انطلق فكرهم من احتياجات مجتماعتهم المقهورة و الفقيرة. و إذا أردنا أن نعبّر عن هذه الفكرة بطريقة مثال بسيط فقد قطع اللاتينيون علاقتهم بكنيسة روما -فيما عدا الإداريات- و فرضوا عليها استخدام لغتهم في الصلوات. كما فرضوا عليها فك تحالفها العتيد مع الحكومات هناك.
و أظن أن مرجعياتنا الدينية في مصر تحتاج بشدة للتخلص من مؤثرات خارجية شكّلت وعياً جماعياً لا مبرر له. من لا يتفق على أن تأثير السعوديين على الإسلام المصري قد غيّر شكله تماماً و جعله مسخاً وهابياً لا ملامحَ له؟ مع الأخذ في الاعتبار أن المجتمع السعودي مجتمعُ نفطي غنيُ بينما في مصر مجتمع زراعي يلامس الفقر في نقاط كثيرة.
هل يمكن إعادة صياغة الإسلام على ضوء المجتمع المصري و احتياجاته؟ هذا سؤال يطرحه علينا اليوم لاهوت التحرير

2- وضع النص:
قبل لاهوتيو التحرير بالنقد الكتابي، ليس كُرهاً في أصالة الكتاب المقدس، بل لأنه استطاع تحريرهم من تفسيرات عديدة مقيِّدة. و بصراحة شديدة، اعتبروا مصلحة الإنسان و المجتمع قبل أهمية النص و التمسك بأصالته التاريخية. لقد وضعهم هذا بلا شك في مواجهة عنيفة مع الكنيسة الرسمية التي تعتبر نفسها منوطة بحماية النص. لكنّ تقديمه للإنسان على النص حررهم من مشكلات و أزمات التفسير الحرفي الذي ارتبط في كثير من الأحيان بالقهر و الظلم و التمييز.
هل يمكننا اليوم إعادة النظر في نصوصنا الدينية التي هي مرجعياتنا الأولى في الدين؟ كيف مثلاً ندّعي أننا نواجه إسرائيل بينما كتبنا مليئة بالتبجيل و التقديس لبني إسرائيل و وعودٌ شتى بعودتهم إلى أرض الميعاد؟
كيف نتحدث عن قبول الآخر في ظل آيات السيف و قتال المشركين و ضرب الرقاب؟
مرة أخرى يدعونا لاهوت التحرير لتقديس الإنسان لا النص - و في هذا يطرح أسئلةً لا نهاية لها!

3- رجل الدين:
بوضوح، حدد لاهوت التحرير دور رجل الدين كخادم الإنسان و ليس حارساً للعقيدة كما قال جوتيريز. فماذا لو تعارضت مصال الإنسان المقهور مع استقرار المؤسسة الدينية مثلاً؟ كان لاهوت التحرير واضحاً في الإجابة و أيضاً عمَلياً كما في حالات الثورات في أمريكا اللاتينية.
بالطبع هذا لا يضر فقط باستقرار المؤسسات من الناحية العقيدية، لكنه يعصف بالتوازنات و التحالفات بينها و بين السلطة. فتصبح المؤسسة الدينية بلا قوة حقيقية إلا قوة الحق و مناصرة المهمشين و الفقراء في المجتمع.
و لا داعي هنا لذكر التاريخ المرير لتحالفات الدين و السياسة في مصر، و لاداعي لتذكر ما وقعنا فيه -وما زلنا- من مستنقعات بسبب هذه التحالفات التي هي لا نهاية لها و لا فكاك منها.
فمتى يلعب رجال الدين دورهم الحقيقي إلى جانب المجتمع لتحريره و ليس لتكبيله؟ لا يختلف في هذا الإسلام عن أي دين آخر

4- قبول الآخر:
و بخاصةً في آسيا - حيث تعدد حقيقي للأديان!- كان هذا الأمر على درجة أهمية قصوى. بل أن بييريز قد أعلن صراحةً أن الاختلاف الديني لا يمنع الشركة بين أصحاب الديانات في النزول سوياً إلى ساحة المعركة ضد الظلم.و ذهبوا أبعد من هذا إلى البحث عن صياغة لاهوت مشترك بين الديانات انطلاقاً من الفقراء، فيما أسموه لاهوت الفقراء.
يقول بييريز:
" على الكنيسة الآسيوية أن تتنازل عن تحالفاتها مع السلطة، لتجد مرة أخرى تأثيرها المفقود. و عليها أن تتواضع بالقدر الكافي، لتتعمّد في نهر الديانة الآسيوية، و أن تتماسك لتعتمد على صليب الفقر الآسيوي. إن خوفها من فقدان هويتها يؤدي بها إلى الارتماء في أحضان سلطان المال.
إن بحثنا اليائس عن وجه المسيح الآسيوي لن يكتمل إلا إذا اشتركنا مع آسيا في بحثها هي عنه في أعماق الأديرة البوذية، حيث الدين و الفقر يجدان جذورهما المشتركة هناك: في الله الذي أعلن أن العدوّ هو سلطان المال.
ليس المكان الأنسب لهذه الممارسة هو الحياة المسيحية المعاشة في حضن الكنيسة و في حضور غير المسيحيين. إنها اختبار العلاقة بالله -الذي يشكل الوجه الآخر لاهتمام البشرية- التي يعيشها شعب الله خارج حدود الكنيسة. فالكنيسة مدعوة إلى أن تفقد نفسها، في مشاركة كاملة مع غير المسيحيين!"
و أظن أن ديننا في مصر في أمس الحاجة لتأصيل هذا الانفتاح العميق من دون الخوف المُلح من فقدان الهوية خاصة بالنسبة للأقليات. لذا- في رأيي- لابد من تأصيل هذا المفهوم بمبادرة من الأغلبية التي تنتمي لدين الإسلام

5- تحرير العقل، الحرية الداخلية:
كما ذكرنا فإن اللاهوتيون الجدد قد رفضوا كلَّ وصاية للكنيسة على البشر و اعتبروها في خدمة "خلاص" الإنسان الذي هو التحرر من قيود القهر و الظلم و التمييز. و في سبيل ذلك دعوا إلى مسيرة حرية داخلية تقودها الأديان للناس عامة. و بدلاً من الصورة التقليدية عن سلطة كنسية تقاوم الفكر الإنساني و تعطل عجلة التقدم البشري، تصوروا الكنيسة هي التي تقود هذه المسيرة و في أقل الأحوال تشجعها. فلا مصادرة، و لا منع و لا تهديد، و لا وصاية من أي نوع من قبل مؤسسة دينية تخشى كلمة أو نغمة أو لقطة في فيلم هنا أو هناك.
فكم عانينا من هذه الوصاية؟ و الأمثلة لا تغري بمحاولة العد من كثرتها! فهل جاء أوان الحرية، لا برفض الدين، بل بالتحالف الحرّ البنّاء معه؟
أظن أن لاهوت التحرير يطرح أسئلته علينا في هذه النقطة بالذات، و بالأكثر نحن بحاجة للتحرر من مفهوم الدين - القيد إلى مفهوم الدين المحرر

لماذا الدين؟ أو ما حاجتنا للاهوت التحرير؟

وقف لاهوتيو التحرير بين معسكرين متناقضين في نظر معظم الناس: الماركسية و العدالة الاجتماعية من جهة، و الدين و ما يمثله من سطوة هائلة من جهة أخرى. و كانت مجتماعتهم -على شبهها الكبير بمصر الآن- تولي أهمية كبيرة و أولية للدين و التدين. و هم بكونهم مسئولين دينيين لم يمكنهم تجاهل احتياجات شعوبهم. من هنا جاءت الفكرة التي مزجت بين متضادين في خلطة حلّ سحرية لمشاكل مجتمع فقير جداً.
و في رأيي أن الدين لدينا يكتسب أهمية مضاعفة:
فهو من ناحية له المصداقية الأولى لدى الجماهير، و من ناحية أخرى استخدم في كنف الأنظمة القمعية فوجب أن يكون الدواء من ذات الداء!
أضف إلى هذا كون الدين طاقة إلهية خلاقة تعمل داخل الإنسان و تدفعه إلى اكتشاف ذاته و إلى التوحد مع احتياجات مجتمعه. فلو صار الدين طاقة تحرر لتغير وجه مجتمعاتنا تماماً

بقى سؤالٌ أخير عن لا هوت التحرير
هل لاهوت التحرير دين أم سياسة؟
و إجابتي لن ترضي أحداً! فهو في رأيي مسيرة و طريق. يبدأ من عند فهم جديد للدين و التدين، و انطلاقاً من هذا الفهم يغير طريقة المشاركة للفرد في تغيير مجتمعه. فإذا اتخذت هذه المشاركة شكلاً سياسياً أصبح لاهوت التحرير سياسة خالصة! و إذا اتخذ شكل ابداع ثقافي أو فني أصبح فنّاً.... و هكذا
فلاهوت التحرير لا يحدد شكلاً لتفعيله، و إلا صار رقيباً و وصياً على معتنقيه بشكل قام أساساً على رفضه. لكنه يبدأ من الحرية آملاً أن ينتهي إليها

Saturday, July 16, 2005

في لاهوت التحرير ، أو تحرير اللاهوت - 2

"الإنسان قبل الأديان"
(جمال البنّا)
و ماذا عن مصر؟
أظن أن في واقعنا اليوم ما يجعل الحركات التحررية - مثل لاهوت التحرير - ضرورة ملحة و عاجلة. فدعونا نلقي نظرة سريعة على الوضع الحالي في مصر.
لدينا 58% من السكان تحت خط الفقر الدولي بحسب آخر تقارير الأمم المتحدة، لدينا نسبة أميّة تتعدي نصف عدد السكّان كذلك. لدينا سوء توزيع صارخ للموارد و للثروات، وهوة تزداد يوماً فيوماً بين الأغنياء و الفقراء. و لدينا أيضاً سلطة غارقة حتى أذنيها في تحالفات و مصالح مع الغرب و بخاصة الولايات المتحدة، وهي تقدم دوماً هذه المصالح على المصلحة الوطنية العامة. و انعدام للشفافية في تعامل الحكم مع الجمهور. و لدينا تمييز ضد الفقراء، و المهمشين، و الطبقة الوسطى و المرأة و الأقباط.و لدينا حكمٌ عسكري امتد أكثر من نصف قرن، و اعتقالات و مصادرة للصحافة و ديمقراطية شكلية ليس بها أي إصلاح حقيقي.
لدينا أيضاً في مصر شعب في غالبيته العظمى متدين. و يلعب الدين في حياة المصريين دوراً رئيسياً إن لم يكن الدور الرئيسي في التأثير في شتى مظاهر الحياة. و لدينا مثال في التنظير الديني للنظام السياسي: ففي الستينات و بعد قيام ثورة يوليو 1952 بشر رجال الدين بالنظام الاشتراكي، و نُشرت الكتب الدينية التي تنادي بالاشتراكية كواجب ديني و رسالة سماوية.ثم مع التحول الرأسمالي و قوانين الانفتاح الاقتصادي بدأ التبشير بالنظام الجديد تحت غطاء ديني أيضاً! و ظهرت "الرأسمالية الإسلامية" و "الاقتصاد الإسلامي" الذي تطور فيما بعد لما عُرف باسم شركات توظيف الأموال! و القصد من النموذج السسابق هو بيان مدى أهمية الدين في حياة مجتمعنا المصري، كذلك كيف تمّ استغلاال هذا لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية على حساب البسطاء.
لذا فنحن في أشد الحاجة لصيغة دينية تشبه لاهوت التحرير الغربي تحوز إجماع الناس و في الوقت ذاته تحررهم من مفاهيم التسلط و القهر في المجتمع.

هل من لاهوت تحرير مصري؟
يحاول بعض المفكرين منذ فترة التقديم لفكر لاهوت التحرير في المجتمع المصري.يجب أن نذكر هنا - وفي المقدمة- الأب وليم سيدهم اليسوعي الذي أخذ الرسالة على عاتقه. يشاركه الدكتور ميلاد حنا في بعض المقالات و الدكتور حسن حنفي كذلك. على أن النقد الأساسي لهؤلاء المفكرين يأتي -في رأيي- من موضعين:
الأول أن كلّ محاولاتهم السابقة هي محاولات نقل لا تمصير. و شتان بين الاثنين! فإذا كانت أحد أوجه المشكلة هي التبعية العمياء للغربن فإن الحل في رأيي لن يأتي مستورداً من الغرب (ولا من الشرق كما في نقل تجربة آسيا مثلاً) بل الحل أظنه يأتي انطلاقاً من واقعنا المصري و العربي الخاص. على أن النقل يظل مرحلة أولى و مطلوبة على طريق لاهوت التحرير المصري
أما الثاني فهو يتمثل في كون الفكرة لا تحظى بمصداقية كبيرة بسبب منشأها الغربي (الكاثوليكي) البعيد عن واقعنا ذي الغالبية الإسلامية. و أظن أن أي مفكر إسلامي سيتحفز لفكرة النقل عن لاهوتيين كاثوليك مثلاً بل أن مصطلح "لاهوت" في حد ذاته قد يكون منفراً للمسلم العادي على اعتبار أنه مرتبط بالمسيحية كديانة.
و لأن معظم من قدموا للاهوت التحرير مسيحيين، فقد زاد هذا الأمر تعقيداً. فظن البعض أن هذه إنما حركة إصلاحية مسيحية داخل الكنيسة ربما تحتاجها أكبر الكنائس عدداً في مصر و هي الكنيسة القبطية مثلاً لكنها لا تخص عموم المصريين. و الواقع أنها بدأت كذلك -كحركة إصلاح- و أن الكنيسة القبطية تحتاجها بشدة بالطبع. لكنني أظن أن المجتمع المصري المتدين يحتاج لفكر لاهوتي (ديني -فقهي) جديد يحرره من تراكماتا عصور سابقة. و أزعم أن على المؤسسة الدينية الإسلامية أن تتولى هذه الحركة التحررية في مصر.
هل يمككنا أن نحلم باليوم الذي يقف فيه علماء الإسلام في مواجهة السلطة و في صف فقراء المجتمع؟ هل يأتي يومٌ يقود فيه رجال الدين الثورة من أجل تحرير المجتمع من قيوده و من أجل تحرير العقول من سجنها؟
أظن أنه يوم سيظل بعيداً لأن الدين في مصر- مع الأسف- قد صار أداة تكبيل العقول و المجتمع لسنوات طويلة. و كما ذكرنا سابقاً فقد لعب رجاله دور المحلل و المنظر للنظم السائدة بدون أي وعي و لا استقلال حقيقي عن السلطة. و بدلاً من أن يصير الدين وسيلة الحرية لمجتمع لا يملك أغلبيته أدوات الاستقلال الإنساني، لعب بالبسطاء و اُستُخدم كأداة قمع و تخلف في يد السلطة الحاكمة.

هل من رجاء؟
حضرت ندوة نظمتها جمعية الجيزويت للنهضة الثقافية في الأسكندرية لمدة يومين في العام الماضي. كان العنوان هو "تجديد الخطاب الديني"و تحدث فيها كثيرٌ من المفكرين. لكن أبرز الكلمات كانت للأستاذ جمال البنّا -المفكر الإسلامي و شقيق مؤسس جماعة الأخوان المسلمين، أراد الرجل أن يتخيل شكل لاهوت التحرير في الإسلام فتحدث عمّا أسماه "العودة إلى المنابع" و إزالة ما علق بها من قشور النقل و التأويل و الوهابية و أظن أن جمال البنا لديه مفتاح التجديد الإسلاميفي حركته "حركة الإحياء الإسلامي" و مقولته الشهيرة "الإنسان قبل الأديان!"
هذا التجريد هو نفسه عند الدكتور حسن حنفي الذي تساءل عن مقاصد الشريعة الخمس و عن سبب تجمد فهمنا العام للدين منبهاً إلى أن فهم المجتمع قد تجمد في كل جهات الحياة فلماذا يُستثنى الدين؟

ماذا بعد؟
أرى في كل هذا رجاء نحو ما أسميه "لاهوت تحرير مصري" و أظن أن هذا الجدل لابد و أن يفضي إلى شكل ناضج كما كان الحال في بدايات لاهوت التحرير
تبقى المشكلة هي في انعزال النخبة المفكرة عن الجماهير المعنية بالمشكلة و المؤثرة في حلّها. أيضاً هناك مشكلة لإمكانية استخدام الجماعات الأصولية للاهوت التحرير طمعاً في شرعية مفقودة و في مزيد من الجماهيرية . و بالطبع المتحدي الرئيسي هو في السلطة الحاكمة و حلفائها من رجال الدين الرسمي


في لاهوت التحرير، أو تحرير اللاهوت

(مُهداة إلى سقراط)

هذه مجموعة مقالات كُتبت على أوقات متباعدة، يجمعها موضوع لاهوت التحرير. و كنتُ فد قررت نشرها بعد قراءتي لمدونات عديدة أشارت لموضوع الدين ومرجعيته في السياسة. قد تكون هذه أطول التدوينات في هذه المدونة فأرجو المعذرة من قارئي.

أفريكانو


"فالإيمان الذي يكتفي بحضور قدّاس الأحد و يرضى بالظلم طوال الأسبوع لا يقبله الله"

(أوسكار روميرو)
ع

تعريفات
تبدو الكلمتان في تناقض مبدئي، ما الذي يجمع اللاهوت –وهو علم جامد و نظري بحت- بالتحرير أو الحرية التي هي من صميم تجارب البشر الديناميكية الخلاّقة؟ ربما لهذا نحتاج أن نُعَرّف اللاهوت... ظلت كلمة "لاهوت" تحمل معنى النظريات الفلسفية المختصة بطبيعة الله ذاته خاصةً في الفكر المسيحي حتى حدثت ثورة في المفاهيم و التعريفات أدّت إلى إطلاق لفظ لاهوت على كل ما يتصل بدراسة الشأن الديني عامةً (أقرب إلى الفقه في المفهوم الإسلامي) بل و أيضاً فيما هو خارج الديانة المسيحية. من هنا تعني كلمة "لاهوت التحرير" حرفياً الدراسات المعنية بالبعد الديني لقضية الحرية الإنسانية و العدالة. و هذا –في رأيي- يعطي لقضية لاهوت التحرير أهمية قصوى في مجتماعتنا الشرقية المصابة بكل أنواع الظلم و التمييز.

( التعريفات عن كتاب "من يحتاج اللاهوت؟ دعوة لدراسة الله "– روجر أولسون 1996)


جولة في التاريخ
بدأت القصة من الأمريكتين و بالتحديد في أمريكا الشمالية في الستينات من القرن الماضي، عندما بدأ بعض اللاهوتيين المسيحيين السود في القاء الضوء على مشكلة العنصرية مفسرين "الخلاص المسيحي" على أنه تحرير الأمريكيين السود من التفرقة العنصرية و التمييز. كان الأبرز هو جيمس كون الذي أطلق الشعار الشهير "لنكُن سوداً مع الله" و الذي عنى به ببساطة أن الله هو بالضرورة في جانب المقهورين و المهمشين، و أن من يطلب "الخلاص" من المتدينين لا يمكنه بأي حال من الأحوال تجاهل هذه الفئات المحرومة في مسيرة خلاصه. كانت الفكرة في بدايتها حماسٌ ثوري لا يرقى إلى مستوى أيدولوجية ناضجة.

إلا أن أساقفة أمريكا اللاتينية الكاثوليك قد التقطوا الفكرة، خاصة وهم يشاهدون مدى التخلف و الفقر اللذَين كان شعوبهم يرزحون تحتهما. و بحلول الفكرة في أمريكا اللاتينية تمّت صياغتها بصورة أنضج خاصةً على يد جوستافو جوتيريز ، الذي يعيش الآن في ليما عاصمة بيرو، المعتبر الأب الروحي للاهوت التحرير في العالم. وقد شخّص جوتيريز مثلاً مشكلة أمريكا اللآتينية فيما اسماه "نظرية الاعتماد" أي أن اعتماد أمريكا اللاتينية الاقتصادي و السياسي على الغرب ( وبخاصة الولايات المتحدة) مقصودٌ به منفعة المجتمعات الغنية فيها و الغرب في ذات الوقت. لذا فقد رأى جوتيريز "الخلاص" (بمفهومه الديني) هو في التخلص من هذه القوى الأجنبية و الوطنية التي من مصلحتها أن تبقي الغالبية العظمى من الشعب فقراءً!

ثم سرت الفكرة إلى كل الشعوب المقهورة فتبناها في إفريقيا الأسقف ديزموند توتو و في آسيا الراهب اليسوعي الويزيزس بييريز.

إلا أن الأمر لم يخرج للعلانية قبل المجمع الفاتيكاني الثاني الذي انعقد في روما من 1963 و حتى 1965. حضر المجمع نحو ثلاثة آلاف من أساققة العالم الكاثوليكي بهدف تجديد الكنيسة الكاثوليكية في مواجهة تحديات العصر الجديد. و مع حضور أساقفة أمريكا اللاتينية رواد لاهوت التحرير، بدأ الخطاب الرسمي للكنيسة الكاثوليكية في التغيير مستجيباً للتوجهات الجديدة

بعد المجمع، وجّه اللاهوتيون الجُدد نداءً لأساقفى الكنيسة الكاثوليكية في أمريكا اللاتينية أن يتخلوا عن تحالفهم مع السلطة السياسية التي تتحكم في ثروات البلاد. و استجاب الأساقفة للنداء، و عقدوا مجمعَين لأساقفة أمريكا اللاتينية في 1968 و 1979 معلنين فيه اتّباع الكنيسة لمباديء لاهوت التحرير. و قامت الكنيسة بالضغط على النظم الديكتاتورية هناك مطالبين بالتغيير، بل أنه في بعض الحالات –كما في نيكاراجوا- حرّك الأساقفة الثورة ضد العائلة الحاكمة. و في السلفادور، أُغتيل الأسقف أوسكار روميرو على يد مسلحين تابعين للحكومة صائراً بهذا شهيد لاهوت التحرير الأول.

على أن الكنيسة في الفاتيكان ظلّت على تحفظها تجاه الحركة ، تحفظ أخذ أشكالاً للمواجهة الصريحة كما في زيارة البابا السابق لفنزويلا التي عنّف فيها أحد قساوسة التحرير أمام شاشات التلفيزيون بعدما أعلن في كولومبيا أنه لن يسمح باختراق الماركسية للكنيسة تحت أي ظرف. أو أشكالاً أكثر هدوءاً كما في وثيقة الكاردينال راتزنجر عن موقف الكنيسة من لاهوت التحرير



ما هي توجهات لاهوت التحرير؟
تأثر اللاهوتيون الجُدد بالماركسية ما في ذلك شك، و هم أبداً لم ينكروا ذلك! بل أن أحدهم قال أنه بصدد "تعميد" ماركس مثلما "عمّد" توما الأكويني أرسطو و أغسطينوس أفلاطو
ن!

وقفوا جميعاً في مواجهة الظلم و التمييز مستندين على مرجعية دينية كانت السلطة الكنسية تحتكرها فبل ذلك متحالفة مع السلطة السياسية.(هل يذكرنا هذا بأوضاع شبيهة؟!) و ربطوا الدين بالمقهورين – و بعضهم تتطرف في هذا إلى حد رفض إيمان الأغنياء و أصحاب السلطة- و بعضهم دعا إلى المقاومة المسلحة إلا أن الغالبية رفضت هذا

ركزوا على دور رجل الدين كخادم للمجموعة معتبرين هذا أهم من حراسة العقيدة، وهم في العموم قدّموا خدمة الإنسان على مكانة العقيدة. بل أنهم أعادوا تعريف "الخطيئة" مركّزين على البعد الجماعي لها و الذي يسبب خللاً و تمييزاً اجتماعياً

أخيراً، وضعوا مفهوماً جديداً للكنيسة و أهميتها، جاعلين المسيح قبل الكنيسة، إذ أنه لا مبرر لوجود الكنيسة إلا حضور المسيح كأسا لهذا الوجود


نظرة من قريب
يقول جوتيريز في كتابه "لاهوت التحرير:"

"إن لاهوت التحرير هو على وعي بالمحاذير المحيطة بإقحام الإنجيل في السياسة. و هو يرى أنه عندما يقال أن الكنيسة "تسيّس" الناس حين تبشرهم بالإنجيل فإنه يعترف بوجود ذلك البعد في الإنجيل كله دون أن يحوّله إلى مجرد سياسة لا بل يعترف أن رسالة "الحب الكلي" النابعة من الإنجيل تمتلك بُعداً سياسياً حقيقياً. و هذا البعد قائم من الواقع! ذلك أن بشارة الكنيسة تتوجه إلى أناس يعيشون في مجتمع معين و يخضهون لشبكة من العلاقات الاجتماعية و يرتبطون بظروف سياسية لاإنسانية أحياناً"

يقول ديزموند توتو في محاضرة بعنوان "لاهوت التحرير في إفريقيا":

"إن لاهوت التحرير جزءٌ لا يتجزأ من كفاح السود لينالوا حريتهم. و إنه ليجتهد في مساعدتهم على أن يفخروا بإنسانيتهم فلا يخجلون من النظر إلى الآخرين في أعينهم بل يتعاملون معهم نداً لند، و لا يعتبرون أنفسهم مضطرين إلى الاعتذار بسبب لون بشرتهم السوداء!"

"ليس لاهوت التحرير مجرد تمرينات ذهنية أو هذيان فكري، فالقضايا التي يطرحها قضايا حياة أو موت لمن يتوجه إليهم هذا اللاهوت. فهو يحاول أن يعيد إلى ضحايا القهر معنى إنسانيتهم المفقودة كما يحاول أن يعيد إليهم قيمتهم الشخصية التي منحها الله أياهم"

و أخيراً، يقول الويزيزس بييريز في كتابه "لاهوت التحرير في آسيا":

"إن الإدراك الحقيقي ليسوع كإنسان تاريخي متواجد في المكان و الزمان هو الذي يقودنا إلى البحث عن معنى العبادة الحقيقية.و هذا الإدراك هو الذي يقدمه لنا لاهوت التحرير، إذ يركز على المسيح الذي صار واحداً منا. كما أن هذا اللاهوت يمكنه مساعدة الكنيسة في العبور من مسيح التأملات المجردة إلى المسيح الذي صار حياً بجسده و دمه. مسيح واقعي قلبه يدمي، مسيح جائع و عطشان و عارٍ و مريض و لا مأوى له و سجين بسلاسل القوانين الاجتماعية الجائرة. مسيح لا يجد مكاناً يولد فيه، و ليس له حجرٌ يضع رأسه عليه، و لا يجد مكاناً يُدفن فيه. مسيح يشكل خطراً على هيرودس فتعقبه ليقتله، مسيح مفتَرَى عليه أمام المحكمة. مسيح معذَّب من قبل الشرطة، مسيح يعامَل كالمجرمين. مسيح وقع ضحية التعصب و النفاق السياسي للكهنة، مسيح قائد غير مرغوب فيه.

هذا هو المسيح ذو الوجه الإنساني و القلب الإنساني الي يفتح عقولنا لنفهم الأسباب الحقيقية الظاهرة و الخفية التي تعمل على تجريد الإنسان من إنسانيته. و هو الذي يقترح علينا نموذجاً مختلفاً للمجتمع الإنساني: مجتمعاً يتمحور حول النمو الحقيقي و الشامل للإنسان لا حول تراكم الفوائد و الممتلكات!"

يُتبع
اقرأ أيضاً:
تاريخ مختصر للاهوت التحرير
تعليمات بخصوص لاهوت التحرير- مجمع الإيمان و العقيد 1985 بقلم الكاردينال راتزنجر

لاهوت التحرير - ويكيبيدبا
جميع الاقتباسات من كُتّاب لاهوت االتحرير عن كتاب "كلام في الدين و السياسة - الأب وليم سيدهم اليسوعي" بتصريح من المؤلف

Wednesday, July 13, 2005

جرأة

اليوم أثناء ذهابي للعمل شاهدت شيئاً رائعاً
سيارة بسيطة يقودها رجل يبدو أنه قد تخطّى الستين من عمره، على أن قدرته على إثارة الحماس يبدو أنها لم تفتر بعد!
كان زجاج السيارة الخلفي قد لُصق عليه ثلاثة ملصقات كبيرة كلٌّ يحمل الكلمة السحرية : "كفاية". ثم بتدقيق النظر وجدت لافتتين على التابلوه الخلفي تتحدثان في شيء من التفصيل عن الفساد و الاعتقالات التي قام بها النظام الحالي.
ثم تبين لي أنه قد لصق ملصقات "كفاية" أيضاً على الزجاج الأمامي في المكان المعروف لشعارات الهيئات أو النوادي!
لقد ملأني هذا الرجل بالفرح، أحسست ببساطة أن ثمة أناس ما زالوا يتنفسون هواءً، ما زالوا أحياءً!
كمّ الاهتمام الذي أثاره بين سائقي السيارات كان لا يوصف. الجميع كان يشير إلى سيارته الصغيرة و أظن أن الحوارات بين ركاب السيارات قد تطرقت للحركات المعارضة للنظام و لمظالم الحكم الحالي على الأقل لمدة خمس دقائق هي مدة ظهور هذه السيارة في أفق السائق.
فكّرت أيضاً في المضايقات التي قد يتعرض لها هذا الرجل من الأمن أو من المواطنين المنادين بالاستقرار (المميت)، و فكرت إن كان هناك أحدٌ يستخدم السيارة معه أم أنه وحده من يقودها دائماً
فكرت ...و فكرت، في النهاية وجدتني أحيي شجاعته و وددت لو أقول له هذا بنفسي إلا أنه كان مسرعاً.
فأسرعت أنا أيضاً نحوه و أشرت له بالتحية التي ملؤها الإعجاب، أما هو فنظر إليّ مبتسماً، و رد التحية ثم انطلق مسرعاً يحمل البشرى إلى شوارعَ أخرى

Saturday, July 09, 2005

النبي الإفريقي 4

مهداة إلى جيفارا و زرياب، الثائرَين

و فيما هو يتكلم، إذا بجمهور يسير في احتجاجٍ نحو القصر
فكفَّ عن الحديث و سار مع المحتجين

و في الغروب،
جلسَ المصطفى تحتَ شجرةٍ يرقبُ نهاية النَّهار
فاقترب إليه اثنان من تلاميذه سائَلين:

"يا مُعلِّم، حدثنا عن الثورة"

فملأ عينيه حنينٌ غامضٌ
و لمع وجهه كلَمعان البرق
ثم التفت إليهما و قال:

" الثورة كما الحب
كلاهما نارٌ تحرق القلوب
فتمتد منها
إلى طرقٍ لا يعلمها أصحابها!

و كلاهما قد ألقته الآلهة
في نفوس البشر
كيما يذوقوا بعضاً من طبيعتهم المقدسة!"

فسأله تلميذٌ:
"يا معلم، كيف أنهما كذلك
و هما أيضاً مصدر شقاءٍ و عذابٍ
للبشر؟"

فابتسم ابتسامةَ طفلٍ
و قال:
" هما أبناء الحرية
فإذا ما وُلدا من سواها
صارا كالسقط بلا حياة"

فتعجب الآخر:
"لكننا نثور من أجل الحرية!"


أما هو فقال في حزم:
"الثورة الحقيقية
هي فائض نار الحرية في قلب البشر
كما المحبة الحقيقية
هي فائض نور الله في قلوبهم!
فإن لم تكونوا أحراراً
فلا تثوروا و لا تحبوا
لأنكم لن تستطيعون.



فالحريّةُ هي أم الثورة
كما أنها أم الحبِّ أيضاً
و أمُّ جميع الفضائل

لأن الحرية هي أصل الوجود كلّه
و هي المبدأ، و الأساس
إذ هي جوهر طبيعة الله!"
م



للمزيد:
اقرأ النبي الإفريقي 1 و 2 و 3

Friday, July 08, 2005

اختبار















شكراً محمد و راء



هل نعرف أنفسنا حقَّ المعرفة؟



You scored as Cultural Creative. Cultural Creatives are probably the newest group to enter this realm. You are a modern thinker who tends to shy away from organized religion but still feels as if there is something greater than ourselves. You are very spiritual, even if you are not religious. Life has a meaning outside of the rational.

Cultural Creative


88%

Postmodernist


88%

Romanticist


88%

Modernist


69%

Existentialist


63%

Fundamentalist


56%

Idealist


50%

Materialist


38%

What is Your World View? (updated)
created with QuizFarm.com

Thursday, July 07, 2005

لندن




لندن، عاصمة الضباب... أربعة انفجارات تهز لندن صباح اليوم، و جماعة تعلن مسئوليتها. أشاهد الصور على الشاشة و أتتبع أماكن الانقجارات.
عندي ذكرى في كل مكانٍ منهم بعضهن لسن ذكرياتٍ جيّدة!
كينجز كروس ليلاً، حيث دُفنت إحدى الملكات تحت رصيف القطار، أصل متعباً بعد رحلة شاقة مروراً بمحطة فيكتوريا حتى أبيت عند قريبٍ لي يسكن هناك. الخوف الشديد الذي يتملكني من راكب وحيدٍ يجلس على المقعد مقابلي، يبدو عليه السُّكر الشديد و العدوانية. أنظر في ساعتي متمنياً مرور الوقت بسرعة... أتذكر تلك الليلة و كيف قضيتها محدّقاً في تلسكوب من النافذة محاولاً -بنجاح- مشاهدة كوكب المريخ على مهلٍ.
ادجوير رود، صدمتي الأولى في لندن! المقاهي و محلات الأكل العربي و نوادي الفيديو التي تؤجر افلاماً لعادل إمام.. الكل يتحدث العربية، فأين البريطانيون؟ أسأل مرافقي في براءة السائح

أول مرة زرتُ لندن كنت في المدرسة الثانوية و كانت انطباعاتي تنحصر ما بين الانبهار و الإعجاب، كانت لندن تعني أشياءً كبيرة بالنسبة لأي مسافر إلى خارج مصر
اكتشفت في هذه الزيارة معنى أن تزور متحفاً و أن تقضي يومك فيه و أن تستمتع بهذا... أن تحضر حفلاً موسيقياً بتكلفة رخيصة لكن يبهرك كلّ ما فيه من نظام و فن. الناس الّذين يقرأون في الأتوبيس و في القطار و على الرصيف، الكتب المتاحة في كلّ مكان في مقابل قائمة ممنوعاتنا السنوية. فويلز الكنز الذي انفتح على عالم من الكتب الرائعة.و هارودز بتحدّيه الشهير للزوار الذين لا يجدون ما يطلبونه فيه! كانت لندن بالنسبة لي وقتها هي نموذج الغرب المتحضر
عندما زرتها ثانيةً بدأت أكتشف وجهاً آخر للمدينة - للغرب كما كانت تمثل- : المتشردون الذين يحتلون الشوارع مساءً، المتسكعون، القمامة، الزحام، قصص العائلة المالكة... أصبحت لندن مدينة حقيقية مثل أية مدينة أخرى، كفّت عن أن تكون المدينة /الحلم أو النموذج.
ثم زرتها مرات عديدة بعد ذلك، و كان إعجابي يتحول شيئاً فشيئاً إلى غضب، و رغبة في المغادرة بأسرع وقت ممكن... صارت لندن مدينة كئيبة، غامضة، صارت بالنسبة لي نموذج المدينة الحديثة المفرطة في التمدن و الحداثة.
على أنها الليلة تقفز إلى ذاكرتي و معها بعض الحنين، و كلُّ مشاعر التعاطف و الأسى لحوادث عنيفة هزتها. لذا أردت أن أكتب عنها، تلك المدينة اللغز، جامعة القبح و الجمال، و نموذج المدنية.
لندن ، عاصمة الضباب!
م



رسالة

إلى الموت

أيها الموتُ الكريه،
يا عدوَّ الأمس
و صديقَ اليومِ - عُنوةً!-
و خِلسةً
لا سلامَ، و لا كلام
بل رجاءٌ
وعِتابٌ، و خِصام

فيا صديقي
الذي كنتَ بالأمسِ عدوّاً
أستحلفك
بالابتسامة الوادعة
أو بالعيون الدامعة
أن تترك الأطفالَ الصغار
لحالهم

هُم يا صديقي
ليسوا كباراً -مثلنا-
كيما يروك
و لا أقوياءَ، و لا أنبياءَ
كي يهزموك!

و ليس في قلبي قسوةٌ تكفي
لكلِّ ليلة
تكسبُ فيها معركتك
مع الصغار...
و لستُ قوياً، و لا نبيّاً
كي أمنعك!

فيا صديقَ اليوم،
يا من كنتَ بالأمس عدوّاً
ارحل عنهم
بعيداً بعيداً
و ابحث هناكَ
عن كبارٍ يصارعوك،
قد تفوزَ
أو يهزموك.

أما أنا و من معي
من الصغار
فارحل عنا
بعيداً بعيداً
يا عدوَّ الأمس اللدود
و صديقَ اليومِ - عُنوةً!-
و خِلسةً

Sunday, July 03, 2005

لقطات - 4

6
هتافات تعلو من هنا و من هُناك. هتافات بكلّ ألوان الطيف السياسيّة. واحد يصرخ وحده بأعلى صوته: " أعلى نسبة سرطان فيكي يا مصر" في حاولة لاستفزاز عسكر الأمن المركزي. بصرف النظر عن مدى صحة المعلومة فإن الرجل بدى متحمساً لها جداً و اتخذها دليلاً لا يقبل الجدال عن فساد السلطة في مصر!
آخرون يهتفون من أجل إطلاق سراح المعتقلين. لافتات من أجل إطلاق جريدة الشعب المُصادرة. لافتات و هُتافات لحزب التجمع. يمكن أن تجد اثنين يهتفان بجانب بعضهما ثم يبتعدان بسبب اختلاف الهتافات. رابعة تهتف : " تسقط أمريكا" و لا أحد يستجيب لهتافها...
أتساءل: هل يمكن أن يكون هذا هو معنى الفوضى البناءة؟
تحديث: في حوار مع صاحب الأشجار بعد المظاهرة لفت نظري إلى حقيقة هامة أخرى. معنى تعدد الاتجاهات الحقيقي هو أن زمن الصمت قد انتهى ، فإذا لم تتكلم عن نفسك لن يتكلم أحدٌ عنك!

7
زيتونة شرقية تخاطب عساكر الأمن المركزي. تحاول أن تشرح لهم أهداف المظاهرة في لطف. تبدو لغتها غريبة عنهم أو أنهم نظروا إليها كسائحة من بلدٍ آخر! يقترب علاء و يشير لحامل إحدى اللافتات التي تحمل صورة تعذيب عساكر الأمن المركزي لأحد الشباب بالاقتراب . يسأل العسكري: إنت شايف ده معاه سلاح؟ يرد: لا. طيب بيضربوه ليه؟؟ يرد العسكري في برود: أوامر يا باشا. يلتفت علاء للضابط و يسأل في هجوم: بتدو أوامر كده ليه؟ بتدوهم أوامر يضربونا ليه؟
الإجابة: ابتسامة لا تحمل أي معاني!

8
لافتة أثّرت فيّ كثيراً تلك التي كان مكتوباً عليها أسماء ضحايا التعذيب في السجون. لم تحوِ أية شعارات و لا احتجاجات، فقط كتبت أسماء المتوفين مؤرخة بسنوّ وفاتهم. بدا الأمر صادماً حتى لمن كانت معي عندما سألتني في ذهول: معقول؟ كل دول ماتوا في السجون؟ و ماتوا من إيه؟

9
يقترب مني رجلٌ و يسألني: هو في إيه؟ ترد عليه زيتونة شرقية بأن هذه مظاهرة من أجل الاحتجاج على التعذيب و استمرار النظام.. إلخ
بعد قليل نلمح أحد الضباط يشير إليه من خارج الكردون فيذهب الرجل ناحيته بسرعة

10
أنصرف قبل انتهاء المظاهرة متوجهاً لمحطة القطار. أسافر إلى صعيد مصر في فترة تأمل قصيرة على خُطى العائلة المقدسة في مصر.

11
ليلة المظاهرة: أقابل شباباً من الكنيسة . يخبرني أحدهم: تصور أن هناك مظاهرة غداً عند كنيسة الزيتون؟! أباغته: و هل ستذهب؟ يتردد و يسألني هل أنا ذاهب فأخبره بأني أنوي الذهاب ما لم يمنعني شيء عن ذلك. و ما الجدوى؟ يسأل. إذا لم يكُن الرئيس هو الفائز فالبديل هو التيار الإسلامي. ينضم إلينا آخرون و نتحدث عن الموضوع بهدوء. و ماذا سنفعل في مواجهة التيار الإسلامي؟ يسأل أحدهم. أجيب بأن ربما كان علينا تشجيع الحركات الإصلاحية العلمانية و التي أبدأ في ذكرها لهم. يندهش الكثيرون من تعددها و يتحمس بعضهم للمشاركة في مظاهرة الزيتون

Saturday, July 02, 2005

لقطات - 3

شاركتُ في مظاهرة الزيتون ، تجد صوراً لها و تغطية ممتازة هنا و هنا. مرة أخرى أتوقف عند بعض اللقطات

1
أصلُ متأخراً لمكان المظاهرة، تصحبني إحدى الصديقات التي تشارك لأول مرة. في الطريق ألمح د. ليلى في مشادة مع الأمن و خلفها بعض الناس يرددون هتافات. هل يمكن أن تكون هذه هي المظاهرة؟ أكتشف أن ما يحدث هو شجار حتى يسمحون للمتظاهرين بالخروج من الكردون. أتجّه ببصري بعيداً و أجد الأفق قد أسودّ بخوذات عساكر الأمن المركزي، حسناً الآن عرفت أين المظاهرة الرئيسية

2
أقترب من المظاهرة. يثير اندهاشي العدد المهول للأمن الذي يطوّق المكان! لم أرَ مثل هذا العدد من قبل (لاأدري إن كان يماثل مظاهرة لاظ أوغلي أم لا؟) على أي حال العدد كان كبيراً جداً و قد تحول المكان لما يشبه الثكنة العسكرية. كانوا يمنعون الناس من الدخول و إن كنتُ أظن أن وجودهم بهذا الشكل كان كافياً لصدّ أي متردد ينوي المشاركة

3
أرفع رأسي و أتأمل الجمهور "المشاهد" . هم مصريون عاديون للغاية! منهم من وقفوا بملابس البيت و منهم من ارتدى ملابس الخروج. ألمح فتاةً تمسك قلماً و ورقة و تكتب الهتافات التي تقال. في المقابل سيدة تصور بكاميرا فيديو... أحدهم يشرب الشاي في الشرفة و يتابع باهتمام كمن يقرأ صحيفة الصباح. إلا أن أحداً منهم لم ينزل للشارع ليقف مع المتظاهرين كما أن أحداً لم يغادر قبل انتهاء المظاهرة أيضاً

4
ملتحٍ يقف بجانب محمد شوقي و أحياناً يهتف معه. هناك ملتحون كثيرون حولنا. قليلاً قليلاً أكتشف شعارات التيار الإسلامي المتناثرة هنا و هناك. تذكّرني بمظاهرات الجامعة التي كانت لابد أن تنتهي نهاية دينية إسلامية. بصراحة، أصابني هذا بالإحباط كما أصاب من كانت معي. أشاهد مجدي حسين واقفاً في انتشاء و معه صحافي.
ثم أتبين اللافتات الأخرى فأجد لافتات لحزب التجمع و أخرى لكفاية. علاء يوزّع أعلام مصر على الحاضرين و لا أجد غيره من المدونين.

5
"جينالك يا أم النور" مكتوبة على الصندوق الملون بعلم مصر. و من الجهة الأخرى مكتوبٌ "شفيعة المظلومين" شعارات كان المقصود بها تشجيع الأقباط على المشاركة و التظاهر. ألمح على أحد الصناديق "جينالك يا [لا لمبارك]" مكتوبة! أحدهم قد لصق الملصق الشهير مكان "أم النور" أبتسم، و أتعجب من شدة الحماسة

للقطات بقية

نظافة؟

أثناء مناقشات قانون انتخاب رئيس الجمهورية، اقترح أحدُ النُّواب أن يبصم الناخب مستَخدِماً حبراً لا يجفّ قبلَ مرور 24 ساعة. ذلك حتى لا يستخدم أحدٌ صوته أكثر من مرة.
اعترض العضو اللواء "دكاترة" نبيل لوقا بباوي على الاقتراح لسببٍ رآه سيادته وجيهاً: كيف نفعل هذا و الإسلام يحثّ على النظافة بل و يقول عناه أن النظافةَ من الإيمان؟؟
...
لا أدري لماذا تذكرت هذه الواقعة أثناء مشاهدتي للمواجهة بين نوال علي و رابعة من جهة و "الدكاترة" نبيل لوقا بباوي من جهة أخرى
!

--