Friday, June 17, 2005

لقطات - 2

6
أقف تحت إحدى اللافتات التي يمسك به أحد الأصدقاء و يتدلى منها قلم أحمر. يخبرني أنني يمكن أن أكتب ما أريد فأكتب "كفاية طواريء" و يكتب محمد "كفاية فساد" . في لحظة ما صرتُ واحداً من المتظاهرين و ليس مجرد مشاهد أو حتى مشارك. لاحقاً كنت أتتبع إلى أين كانت تسير هذه اللافتة

7
أنظر إلى وجوه الضباط (الباشوات كما سماهم أحدهم) و أحاول أن أتحسس ردود أفعالهم عند هتافات صريحة معادية لمبارك أو لوزير الداخلية. لكنهم يبدون كمن لا يسمع أو كأنهم لا يبالون بما يسمعون! أتساءل ما الذي يدور في أذهانهم؟ هل هم أيضاً ثائرون على النظام و على الظلم أم أنهم يكرهوننا بشدة أم أنهم مجرد موظفون يؤدون عملهم دون مشاعر؟

8
تظهر المظاهرة المضادة لتأييد الرئيس مبارك. يتسلل الخوف إليّ من جديد مع مزيج من السخرية و الشفقة. نلاحظ صورة مقلوبة لمبارك يرفعها أحد "المؤيدين". بينما تقترب المظاهرة تنقسم مظاهرتنا نصفان: نصف يذهب في اتجاه بعيد بينما يصر البعض على البقاء و المواجهة "البلطجية جايين امسكوا في بعض" يزداد خوفي لكني أفضل أن أبقى في مكان المواجهة

9
عساكر الأمن المركزي يتضاحكون فيما بينهم، وجوههم يبدو عليها البؤس الشديد و اللامبالاة. أحد المتظاهرات تخاطبهم "انتوا اللي لازم تقوموا بالثورة" في محاولة لاستمالتهم لكنهم يبدون كمن لا يسمعونها. تسأل السيدة الضابط االذي يفتح لها الحاجز حتى تخرج "أمّال فين البلطجية إللي هايستلمونا؟" و الإجابة بهدوء: "ما فيش بلطجية النهاردة!"هكذا قال لها الضابط

10
انتهت المظاهرة و حان وقت الخروج من الحاجز. كانت هذه أكثر اللحظات خوفاً! نخرج طابور المدونين بينما يزداد خوفي جداً. الآن يمكن أن يحدث أي شيء فنحن خارج المجموعة. كأنما كنا نستمد القوة من بعضنا البعض، من خوفنا المتبادل و تماسكنا . كأن الجماهير كانت فرداً واحداً يتحرك حركةً واحدةً.

11
في السيارة، قرب الأزهر تمر من جانبنا عربات الأمن المركزي تحمل العساكر الّذين كانوا في المظاهرة. أحد العساكر يخرج لنا رأسه ضاحكاً
"أنا عارفكم ، أنتم إللي كنتم عاملين مظاهرة دلوقتي" ثم تسير السيارتان كلٌّ إلى وِجهتها

1 Comments:

At 4:35 AM, Blogger سؤراطة said...

احساساتك الموصوفة عن المظاهرة تذكرني بشدة باحساسي في المظاهرة الأولى،ولأنني نمت ثلاثة أيام بعدها من شدة الارهاق الذي تلا الانفعال، فقد فاتني تدوين مذكراتي عنها، لذلك سعدت جداً بوصفك المعبر، مبروك فقدان عذريتك المظاهراتيةوعقبال باقي الشعب النائم، حياتك لن تعد كما كانت، وأحياناً ستحس في خضم اليأس أنك رغم كل شئ كنت قادر على الوقوف في وجه الظلم والصراخ والاعتراض رغم كل الخوف الطبيعي على النفس والخوف من الألم، لعلك تعرف تلك المقولة: قد
يأتي يوم نعجز فيه عن درء الظلم، ولكن لا ينبغي أبداً أن يأتي اليوم الذي نعجز فيه عن الاعتراض"
أهلاً بك في دنيا المضروبين لكن غير ذاهبين

 

Post a Comment

<< Home

--