:تدخل مصلحةً حكوميةً و على وجهك ابتسامةٌ مشرقةٌ (ما زلنا في الصباح الباكر) تحيي الجالسين تحيتك المعتادة
! صباح الخير-
فتفاجؤك الوجوه المغرقة في العبوسة، و الغارقة في النعاس الداخلي العميق. تشعر أن تحيتك قد أٌلقيت في بحرٍ لا قرارَ له أو في قبورٍ خالية من كل مظاهر الحياة!
:ثم يستيقظ أحدهم من سباته و يجيبك في غلظة
!و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته -
...
...
ليست تلك أحد أحلامي المزعجة بل هو واقع أظن أن كثيرين منا يعيشونه. ذلك التمييز السخيف الذي دخل حتى إلى أبسط تعاملاتنا و أكثرها إنسانية: التحية!
:و المذهل أن هناك بعض القواعد التي أصبحت تحكم تحياتنا (الصباحية منها و المسائية) فمثلاً
إذا دخلتَ على قومٍ و قلت صباح الخير فمعناه واحدٌ من اثنين: إما أنك غير مسلم (يعني مسيحي) أو أنك مسلم لا تمتثل لأحكام دينك. و كلاهما تهمتان في نظر من تحييهم
...
إذا بادأك واحد بالسلام قائلاً السلام عليكم فأجبته تأدباً "و عليكم السلام" فهذا يكشف مافي نفسك من خبث لأنك لم ترد التحية كاملة أى و رحمة الله و بركاته
...
إذا سلّمت على قوم بادئاً بالسلام عليكم ثم ثبت بعد ذلك أنك من إحدى الفئتين السابق ذكرهما في القاعدة الأولى فمعناه أنك تقصد التملق و الزلفى إلى متلقي التحية. و النفاق مكروه عموماً و محرمٌ بالشرع
...
و هناك تحيات جديدة تظهر تباعاً إمعاناً في تمييز أصحابها كـ"سلام و نعمة" للأقباط الملتزمين و "هاي" للروشين من المسلمين و الأقباط إلى آخر هذه التحيات المبتكرة
...
: و أمامنا حلاّن لا ثالثَ لهما
إما إصدار تشريع بإلغاء التحيات تماماً و معاقبة من يشاهد محييّاً أحداً بأقصى العقوبة سواء كانت التحية في مصلحة حكومية أو في شارع عمومي أو حتى في المنازل الآمنة (فالأمر لا يسلم من الخارجين عن القانون) أو
إصدار تشريع بتحية موحدة ترضي كل أطراف المجتمع السعيد الملتزمون منهم و غير الملتزمين مسيحيين و مسلمين و لا دينيين كذلك
و لتكن التحية المشرَّعة مثلاً بأن يبدأ الأول بـ "صباح الخير عليكم و رحمة الله" فيجيبه الثاني "وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته و الصباح المنير" و إذا اعترض البعض من الخبثاء على طول التحية و عدم ملائمتها لأجواء العمل السريعة نجيبه أن ما باليد حيلة و ليكن عليه أن يأتينا بتحية جديدة أكثر اختصاراً ترضي جميع المحيّين