الحلّ
ما عدا ذلك وهمٌ توهمناه و صدّقناه! و أسميناه معارضة
فالمعارضة الوحيدة التي يفهمها الناس في الشارع هي المعارضة الدينية. لأننا مجتمع مهووس دينياً لا يسمع إلا لصوت الدين، و لا يرى مشاكل من حوله سوى عدم إقامة الحدود. هكذا نجح الأخوان بشعار بسيط لكنه يلمع للجماهير "الإسلام هو الحل"
أمامنا الآن مصر واضحةً كما لم تكن من قبل، و أمامنا تساؤلات فُرضت علينا
مأزق المعارضة:
* المعارضة الآن في مأزق، فهي لا تؤيد الحزب الوطني بطبيعة الحال كما أنها لا تستطيع التضحية بالمكاسب المدنية و العلمانية كي تتحالف مع الأخوان المسلمين باعتبارهم القوة المعارضة الوحيدة المتواجدة في البرلمان
لاحظت اتجاهات المعارضة و موقفها تجاه الأخوان المسلمين؛ الصحف كـ"الدستور" مثلاً هللت لفوزهم و لعبت على المشاعر السائدة. بينما هاجمتهم "الفجر" بضراوة متجاهلة التزوير الواضح الذي تعرضوا له.
بالإضافة إلى أن المعارضة قد رأت حقيقة حجمها في الشارع بعيداً عن الدعاية الإعلامية، و بدا أن المظاهرات لم تكسب شيئاً على أرض المعركة الانتخابية. و كأن "الإسلام هو الحل" فعلاً أمام قوى المعارضة إن هي أرادت التأثير و التواجد بين الناس! فهل تقبل المعارضة بهذا؟
البديل المطروح هو استمرار النضال من أجل معارضة بعيدة عن الشعارات الدينية، و هو الخيار الأصعب من جهة الوقت و المجهود و لكنه الأكثر نزاهة و الأعمق تأثيراً.
أمامنا موقف "عبد العزيز مخيون" - و هو يساري قديم - ممثلاً لمأزق المعارضة. فالرجل أعلن أنه سيؤيد الأخوان المسلمين من الآن فصاعداً لأنهم القوة الرابحة المؤثرة في الشارع.
فما هو اختيار المعارضة القادم؟
مأزق الأقباط:
* الأقباط أيضاً في مأزق؛ فالحزب الوطني الذي راهنت الكنيسة عليه لم يستطع أن يضمن للمسيحيين مكاناً في المجلس الجديد ، و لا حمايةً من تصاعد التيار الديني الذين يخشونه. و هم لا يستطيعون مد يد التحالف للحزب الزطني من جديد يعد ما ظهر من عجزه عن حمايتهم و من استغلاله لهم ككتلة أصوات لا يراعي مصالحها و لكنه يطلب تأييدها. كما أنهم بطبيعة الحال لا يستطيعون تأييد الأخوان المسلمين على الرغم من تطميناتهم المستمرة لهم و الرسائل التي يمررونها عن الدولة الدينية ذات المرجعي الإسلامية و حقوق المواطنة، إلى آخر هذا الكلام؛ في النهاية هم أخوان "مسلمون" لا يستطيع المسيحيون أن يأمنوا لهم.
فماذا سيكون موقف المسيحيين و الكنيسة بعد نهاية الانتخابات؟ هل مزيد من الانعزال خلق سور الطائفية أم محاولة الاحتماء بأحزاب تبدو لا حول لها و لا قوة أمام القوتين العظمتين؟
مأزق الأخوان:
* سيضطر الأخوان - إن هم استمروا في صعودهم - إلى تحقيق مكاسب حقيقية ضد النظام. ليست مكاسب من نوعية مصادرة روايات أو أغانٍ بل إصلاح حقيقي يمس هموم الناس الذين أعطوهم الثقة. ربما يفيدهم أكثر لو تحولوا إلى حزب سياسي و إن كنت أظن أنهم لن يرضوا بهذا الآن بعد أن أثبتوا تفوقهم علىكل الأحزاب الموجودة. لكن نجاحهم بهذا الشكل لا يمكن أن يستمر طويلاً تحت شعارهم الذي هو بلا مضمون حقيقي. فهل نحتاج لتجربة مؤلمة مثل السودان مثلاً حتى يكتشف الناس أن الأخوان لا يقدمون حلولاً حقيقية و لا بديلاً مشرقاً لأوضاعهم المتدهورة؟ أم أن الأخوان يمكنهم أن يعيدوا تنظيم أنفسهم ليتجاوبوا مع مسئوليتهم الحالية كأقوى كتلة معارضة في الساحة بطريقة أكثر نضجاً؟
مأزق النظام:
* يخرج الحزب الوطني من هذه الانتخابات أضعف مما كان قبلها. و قد انكشف أمامه غريمٌ قويٌّ لم يكن يظنه بهذا الحجم. و إن كان قد كسب نقطة ضد أحزاب و حركات المعارضة التي كانت له صداعاً في الفترة السابقة إلا أنه يتواجه مع الأخوان الذين هم أخفض صوتاً و لكن أقوى تأثيراً في الشارع. كما أنه خسر ثقة المسيحيين بسبب غبائه السياسي، و ليست أمامه حلول سوى استعراض القوة الأمنية و البلطجة حتى يضمن حداً أدنى من الأغلبية في البرلمان القادم تضمن توريثاً للحكم بلا مشاكل.
و لا أظن أن هناك أمل في أي إصلاح لهذا النظام، فما هي الألاعيب الجديدة التي سيخرج علينا بها عباقرة الحزب الوطني في الأيام القديمة كي يخرجوا من مأزقهم؟
تبدو جميع القوى السياسية الآن باحثةً عن حل لمآزقها. و سواة كانت الحلول المطروحة شرعية أم لا، نزيهة أم لا، في مصلحة الشعب أم لا، فالمؤكد أن مصر لن تكون بعد هذه الانتخابات كما كانت قبلها.
م
تدوينات في نفس السياق:
بهية و تحليلها المتميز
حائر في دنيا الله - الأخوان مش هم الحل
الأخوان هم صوت الشارع،شارع إيه؟
مالك - الإسلام هو الأخوان
لنتعد الطبيعي - صدق قرد الرمال
الأقباط الأحرار - خوف من صعود الأخوان من جديد