Sunday, April 24, 2005

احتلال سُيَّاسي

.أحمد ابن بواب عمارتنا السابق، كان ذاك البواب قد مات منذ عدة أشهر بحمى غير معروفة السبب
لا يمتلك أحمد أية قدرات غير عادية و لا أية مؤهلات خاصة قد تجعله يتفوق على أقرانه أو تجعل منه قيادياً بارزاً مثلاً .
غير أنه في صباح أحد الأيام، و بعد وفاة الأب بمدة ليست بطويلة، صحا شارعنا العزيز على أحمد و قد تزعم حركة سُيَّاسية (و ليست سياسية) بمعنى أنه قد نصَّب نفسه رئيساً لسيَّاس الشارع. بل أنه قد استولى على أرض فارغة و أحاطها بأسوار خشبية معلناً إياها مكاناً آمناً لوقوف السيارات .
حدث هذا بسرعة، و بسرعة أيضاً أصبح للموقف رواداً من الذين يبغون الحفاظ على سياراتهم تحت أعين أحمد الساهرة. كذا صار للزعيم مريدين ينتفعون به و ينتفع هو بالطبع بهم!
ثم عيَّن أحمد صبياناً له، يجوبون الشارع في ورديات يبخثون عن أي مكان شاغر حتى يحجزونه لأصحاب السيارات المنتفعة و يبعدون "الرعاع" من غير المشتركين عن تلك الأماكن.
بدا الأمر مستفزاً و هو بالقطع أشبه باحتلال لشارعنا الآمن. بيد أن أحداً لم يجرؤ على محاولة زحزحة الزعيم من عرشه السُيَّاسي. فالمنتفعون يعضدونه، و الصبيان يحمونه ، و البوابون يخشون سطوته، و السائقون يسترشدون به.
كذا جرى اغتصاب شارعنا بمؤامرة محكمة و بلا أدنى مقاومة من السكان الآمنين، الذين ثاروا و رفضوا طبعاً الطريقة التي تم بها هذا - فأغلبهم من المثقفين و صفوة المجتمع الذين لا يقبلون أن يعاملهم شخصٌ مثل الزعيم بهذه الديكتاتورية الصارخة.
لكنهم رويداً رويداً صاروا من مريدي "جراجه" و انضم بعضٌ منهم إلى من ينتفعون بوجوده في وسطنا.
أما أنا فلم أجد أمامي سوى مدونتي ، أحكي فيها وقائع الاحتلال كما شاهدتها عيناي، علَّ أحداً من الشوارع الأخرى المجاورة يمر من هنا بالمصادفة ، فيقرأ قصة شارعنا الحزينة و ما آلَ إليه الحال !
سؤال أخير: أية علاقة تربط "السُيَّاس" بالسياسة؟؟

--